يحتار المرء كيف امتلكت الطفلة "ألمازة" القدرة على تحمّل هذا القدر من الأهوال التي يعجز عن تحملها الرجال الأشداء.
وتزداد الحيرة أكثر فأكثر حينما يجد أن تلك الطفلة التي شهدت ذبح 29 من أفراد عائلتها متمسكة بالأمل، ومصرة على الحياة والصمود في أرضها بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.
"ألمازة السموني" البالغة من العمر 12 عاما فقدت أمها، وأباها، وإخوتها الأربعة، وأعمامها وزوجاتهم وأبناءهم. ورأتهم وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة بعد أن تطايرت أشلاؤهم في كل اتجاه.
صفحة الأمل بموقع mbc.net التقت الطفلةَ ألمازة على ركام منزلها المدمر في أطراف حي الزيتون شرق مدينة غزة، لتروي مأساة فيها بصيص من الأمل.
تقول الطفلة الفلسطينية: "كنت أجلس أنا وأسرتي في البيت قبل أن تبدأ القذائف الإسرائيلية بالتساقط علينا، وعلى بيت عمي الذي يفصله عن منزلنا متر واحد، فبدأنا نركض من غرفة لأخرى".
وفجأة توقفت القذائف -والكلام للطفلة- ودخل الجنود عليهم عبر فتحة أحدثوها في جدار البيت، ورفعوا الأسلحة في وجوه الموجودين فخرجوا، فأطلقوا النار علينا وكان أبي -رحمه الله- يصرخ بصوت عالٍ، ويقول هناك أطفال لا تطلقوا النار ولكن الجنود لم يصغوا إليه، وواصلوا إطلاق النار إلى أن وصلنا إلى بيت عمي.
وخلال الانتقال من بيتها إلى بيت عمها، تقول ألمازة: "لقد شاهدت أمي وإخوتي وكل العائلة.. جميعهم مستشهدون.. كلهم أشلاء، وكانت صدمة كبيرة، لم أستطع أن أتحرك".
وجلست في بيت عمها ثلاثة أيام بدون ماء ولا طعام في ظل الحصار الذي فرضته قوات الاحتلال على محيط منزلها، مما تسبب في وفاة الأطفال الصغار جوعا.
توقفت ألمازة عن الحديث برهة لتستجمع كافة التفاصيل في ذاكرتها التي ستبقى تحتفظ بتفاصيل ثلاثة أيام استشهد فيها إخوتها وأخواتها وكذلك والداها ومعظم أقاربها لتبقى وحيدة في هذا العالم.
وأخيرا تمكنت الطفلة الفلسطينية من الخروج بعد ساعات من جلوسها بين جثث عائلتها، ولكنها لم تهرب بل بدأت تبحث عمّن بقي من إخوتها وأفراد عائلتها، فلا تجد منهم على قيد الحياة إلا شقيقها الأصغر.
صمود وأمل
ورغم أن ألمازة فقدت جميع أفراد أسرتها تقريبا؛ إلا أنها أبدت صلابة وصبرا لا يستطيعه الرجال الأشداء، فضلا عن أن يكونوا أطفالا في مثل سنها.
ورددت عباراتها الشهيرة التي تناقلتها وسائل الإعلام: "سنبقى في هذه الأرض صامدين وصابرين حتى لو عادوا مرة أخرى.. سنبقى صامدين في هذه الأرض.. إنها أرض المحشر والمنشر".
وعن نظرتها إلى المستقبل بعد استشهاد معظم أفراد عائلتها قالت: "أنا أرى أمامي مستقبلا واعدا، وبإذن الله ورغم ما حدث فسأكمل تعلمي وطريقي، وسأصبح طبيبة عظام، وأعالج الجرحى والمصابين