التمثيل والممثل...لغة درامية عالية بقلم فائق جرادة

يعتمد التمثيل سواء كان التمثيل علي خشبة المسرح او في السينما او في التلفزيون علي القدرات الخاصة للممثل ... تبدأ من الدوافع الداخلية للممثل (العواطف والاستجابات الحسية) ولا تنهي عند الدوافع الخارجية للممثل
(حركة الجسم والصوت)


من هنا ...فان مهمة الممثل علي اختلاف مدارس التمثيل ونظرياتة هي التعبير والقدرات الابداعية الاخري والتي تعبر وتجسد التعبيرات الدرامية والانفعالية....(صوتا وحركة) جميع التعبيرات الدرامية والانفعالية ترتكز علي عوامل ذاتية تظهر من خلال ابراز الصفات الداخلية(الاستجابات الحسية والشعورية)للشخصية وكذلك الصفات الخارجية (الكلامية والحركية ) ومع ذلك فان هناك عدة تعريفات للتمثيل اغلبها يتجة الي تعريفات مجردة...وحتي نستطيع تعريف التمثيل بطريقة واقعية ملموسة يجب معرفة تركيب السلوك الانساني



اننا في واقع الحياة نستجيب لسلسلة من الدوافع المتتالية وهذة الدوافع تخلق نوعا من الحركة والتي تنطلق دايما الي الامام سواء كانت الحركة في الفكر اوفي العاطفة او في الحواس او في النشاط البدني... وتعتمد هذة الحركة علي مدي استجابة كل فرد لهذة الدوافع علي نوعية الشخص وحالتة الذهنية ومشاعرة وحالتة الجسدية ايضا

النقطة المهمة هنا....هو ان الانسان يستجيب للدوافع في شكل مستمر من الفعل وردة الفعل....وبما ان التمثيل هو مراة للسلوك في واقع الحياة اذا علي الممثل ان يستجيب ايضا للدوافع من لحظة الي اخري لان الاستجابة تخلق القوي الدافعة للحركة في الحياة الشخصية واليومية وهي بذلك تخلق الطاقة الكامنة في كل مناطق السلوكيات والحركات البشرية

اذا- لنتفق ان التمثيل استجابة للدوافع والتي من الممكن ان تكون واقعية او تخيلية بناء علي النص المكتوب

(فعلي سبيل المثال- عنما تصاب بشئ ما في الجسم فانك ستصرخ وتقول (اة) هذا هو شكل من اشكال الدوافع او الاستجابات الواقعية ولكن عندما تسمع كلمة(انا احبك) في ظروف تخيلية لمشهد ما فان دقات قلبك تتسارع)

السؤال هنا— هل كل من يستجيب لدافع معين ممثلا؟؟؟؟

الاجابة بالتاكيد( لا) لسبب بسيط وهو انة يجب ان تتوفر عوامل اخري هامة :

اولها بكل تاكيد الظروف المحيطة التي تساعد علي التخيل وعلية فان التمثيل هو

1- استجابة للدوافع في ظروف تخيلية

ثانيا الحاجة للتخيل في التمثيل حتي نتمكن من ان نصدق الظروف التخيلية يضاف الي ذلك اثراء الاستجابة حتي لا تكون ببساطة مجرد استجابة فقط بل يجب ان تكون استجابة مثيرة للاهتمام وان تكون بالتاكيد درامية

2- وبناءا علي ذلك فان التمثيل استجابة للدوافع في ظروف تخيلية بارعة في التخيل

وبما اننا نتحدث عن الدراما سواء كنت تمثل علي المسرح او السينما او في التلفزيون فانة يجب ان تهتم بالقوي المحركة لما تفعلة بحيث يكون هناك صعود وهبوط وتغير وتبديل في الاداء والعمل بشكل عام...واذا لم يتوفر هذا فسيكون الاداء علي نمط ووتيرة واحدة تخلق الملل في المشاهدة...من هنا فانة يمكننا ان نتوسع اكثر في التعريف بانة:

3- استجابة للدوافع في ظروف تخيلية وبطريقة بارعة في التمثيل ولها قوي محركة فاعلة

وبما ان الشخصية التي تستجيب الي الدوافع لها اهمية قصوي ...وبما ان جميع اشكال الاستجابات تتوقف علي الفرد...اذا يجب مراعاة كل سمات هذا الشخص

الزمن الذي يعيش فيه, والمكان, والطريقة التي يرتدي بها ملابسة, والطريقة التي يتكلم بها, والطريقة التي يتحرك بها ...بشكل اخر يجب ان يكون الممثل صادقا من حيث الاسلوب في التعبير عن الشخصية بمعني اخر يجب ان تاخذ في الاعتبار المواقف والعادات وخلاف ذلك وان تدرك الزمن الذي يدور فيه الاحداث الدرامية وبما ان الدراما المعاصرة تكتسب دايما مظهرا معاصرا فانة لا يعتبر التعريف كاملا مالم ناخذ في الاعتبار الهدف الاقصي للاداء اي ان الممثل يصبح لا قيمة لعملة اذا لم تكن الاستجابات والاحاسيس منقولة بشكل جيد الي الجمهور لان الالتزام الحقيقي والاساسي للمثل هو نحو المشاهد لذلك لا يكفي للممثل بان يكون ممثل بل علية ايضا ان ينقل

من هنا فان التعريف الكامل للتمثيل هو:

4- استجابة للدوافع في ظروف تخيلية وبطريقة بارعة في التخيل ولها قوي محركة فعالة حيث تكون الاستجابات صادقة من حيث الاسلوب في التعبيرعن الشخصية وبيئتها بحيث تنقل الافكار والاحاسيس الي المتفرجين



بناءا علي هذا التعريف فان الهدف الاول امام الممثل هو ان يكون:

مدركا لكل الدوافع

قادرا علي امتصاص كل الدوافع دون اي عائق ودون اي رفض

ان يكون لدية القدر الكافي من الناحية العاطفية والحسية والجسدية





من جهة اخري ...فان التمثيل ارتبط بالعديد من المفاهم ومدارس التمثيل المختلفة

فقط ارتبط التمثيل( بالمحاكاة والمعايشة والتجسيد والاندماج والتغريب والتشخيص)

فعلي سبيل المثال... تمثيل المعايشة وفق منهج( ستانسلافكي) يقوم علي نظرية المحاكاة الارسطية تلك التي يفسر لفظها تفسيرا لغويا - عند الفيروزابادي كما تقول (حكيت فلانا او حاكيتة) اي شابهتة وفعلت فعلة وقولة وهي عن ابن منظور تقليد فعل ما كما نقول (قلد فلانا عملا) وهذا ما يتناسب مع منهج ستانسلافكي والذي يوكد منهجة المشابهة بالقول او الفعل.....



اما المحاكة اصطلاحا عند منظري فن التمثيل فهي التقليد الفني عن طريق المعايشة الصادقة والاحساس الصادق بالشخصية عن طريق معايشة الممثل لدورة والمعايشة هنا لغة من (عاش معة)



فيما يخص التمثيل التغريبي عند( بريشت) فيقوم علي نظرية الحكي حيث يعيد الممثل تصوير الشخصية بوصفها صفة اجتماعية لا بوصفها ذاتا من لحم ودم واحساس



اما الممثل الملحمي فهو لا يعمل علي المماثلة او المعايشة للشخصية فاسلوب الممثل في المسرح الملحمي قائم علي تشخيص الدور المسرحي لا علي تجسيدة اي تمثيلة عن بعد دون د *** الممثل في الشخصية ولفظة التشخيص هنا هي من (شخص) كما ورد في معالم اللغة العربية

ففي لسان العرب يقصد بالشخص هو ما تراة من بعيد ويعني ذلك تصوير معظم الشئ من بعيد اي بدون تعمق وهو ما يطلق علية نظرية (التغريب) او التبعيد وهي تلزم الممثل بخلق مسافة بينة وبين الشخصية التي يؤديها حتي يظل كل من الممثل والمتفرج في حالة من الحياد حتي يحكم في النهاية علي مصداقية ما يراة وما يسمعة ويستطيع من خلال ذلك اتخاذ موقف تجاة ما قد يعرض علية وهذا بدورة يخلق موقف نقدي يتخذة الممثل من الدور كما يتخذة المتفرج من الموقف كلة

بمعني اخر يكون الممثل خارج الاطار الذاتي في الارسال والمتفرج كذلك خارج الاطار في الاستقبال



اذا فالمسرح الملحمي يلزم الممثل ومن ثم المتفرج باعادة النظر فيما هو معتاد حتي يستطيع اخذ موقفا فاحصا يثبتها او ينفيها في حين يخص النهج النفسي منهج (ستانسلافسكي) علي معايشة الممثل للدور ومن ثم معايشة المتفرج

فالمعايشة هنا التي يوديها الممثل تقوم علي التقليد الفني والتقليد هنا هو تقليد الفعل لا تقليد الصفة لان الفعل متغير حسب الشخصية وعلاقتها ودوافعها الا ان الصفة لها مظهر شبة ثابت...والتمثيل في جميع الحالات هو فن التعبير الصوتي والحركي عن طريق فنان وسيط هو الممثل بغض النظر عن اختلاف الاساليب والمدارس



اجمالا... فان الممثل اذا اتجة نحو المنهج النفسي فانة يلتزم باعداد نفسة وتملك ادوات خلق حالة المعايشة بالهروب من ذاتة عندما يبدا في الاعداد لها وتمثيلها مرتكزا علي ذات المنهج للد *** في ذات الشخصية التي صورها المؤلف وعمل علي تجسيدها المخرج

واذ اتجهة نحو نظرية التغريب كان علية تصويرها ليكشف للمتفرجين تناقضات الشخصية وبذلك يستطيع المتفرج من وضع حلولا لها بينة وبين نفسة تماما كما في مسلسل التغريبة الفلسطينية









اعداد
المخرج/فايق جرادة-غزة


منتدى الاحباااااااااب
الحـــــــــوت